728 x 90



img

العلاقة بين البيت والمدرسة لها دور أساسي ومحوري في كل فلسفة تربوية، إذ إن كل الإستراتيجيات التربوية تهدف في نهاية المطاف للاهتمام بخلق جيل واعٍ منظم قادر على مواجهة الحياة وتسخيرها لصالحه وخيره، حيث إن للمحيط الاجتماعي والتربوي والاقتصادي في البيت أو المدرسة أو في الحياة عموماً دوراً حاسماً في رسم معالم شخصية الإنسان المنشودة، حيث إن هذه العلاقة المتوازنة بين البيت والمدرسة تؤدّي للتوازن في النموّ الانفعالي والعقلي والصحي والاجتماعي في شخصية التلاميذ، وتعمل على تنمية قدراتهم وتؤثّر على حياتهم المقبلة وتحدد وضعهم الاجتماعي الآتي، ومن هنا وجب علينا معرفة أهمّية التطوّر النمائي بالنسبة للطفل، إذ إن هذا التطور ليس حتمياً أو ضروري الحصول.

ولهذا فإن النمو والنضج يتحددان بالنسبة للطفل في عمر معين وعوامل معينة. فابن الخامسة اليوم في المحيطات الغربية قادر على إجراء عمليات حسابية لا يقدر عليها الراشدون في هذه المحيطات قبل مائة عام، ولديه من المفاهيم العلمية ما كان يجهله معلمو أجداده من قبل.

فإذا أردنا تنمية القدرات فإن الخبرة والنضج يجب أن يتماشيا جنباً إلى جنب.

ومن هنا فإن مقدرة وخبرة الأطفال اللقطاء وأطفال الملاجئ تكون محدودة وتلحق الضرر بنمو الأطفال لحد كبير؛ لأن الحرمان الشديد لهؤلاء الأطفال أمر غير عادي وغير ممكن الوقوع في البيوت العادية، ومن هنا نؤكّد على أهمية المدرسة في تأكيد عملية النمو هذه أو تحجيمها، فالأطفال الذين يتربّون في محيط مدرسي مستنير ينمون بمقدار يمكنهم من التكيف مع الواقع، أما الأطفال الذين يتربون بمحيط مدرسي لا يطالهم إلا بالقليل فإن نموهم أقل من نمو سواهم وتقدمهم أقلّ من الذين يعيشون بمحيط مستنير.

وهنا يجب أن نؤكّد على أهمية النمو وعلى قابليات الطفل، حيث إن الأطفال يختلفون في حالاتهم النمائية وآثار الخبرة، ومن هنا أيضاً يجب أن نؤكد على أهمية الفروق الفردية، خاصة من الناحية العقلية، حيث إن اختلاف الخبرات يؤثر في نمو الأطفال وسلوكهم، فنلاحظ الاستجابات للشروط المحيطة تختلف من طفل لآخر، ولهذا كانت اتجاهات النمو خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة من العمر تترك بصماتها وآثارها العميقة على شخصية الطفل في المستقبل، ولهذا كان للأسرة والمدرسة دورٌ كبيرٌ في فهم طبيعة أطفالها ومعرفة قدراتهم.

وقد كان من مهامّ الأسرة الأولى تفهّم حاجات طفلها النفسيّة، من حاجته إلى تأكيد الذات، وحاجاته الاجتماعية مثل حاجته للاجتماع بالآخرين، كذلك يجب على المعلم تفهم الحاجات والعمل على إرضائها، ومن هذه الحاجات أيضاً الحاجة للأمان والاستقرار والحاجة للمحبة وعدم القلق والحاجة للاستقلال وتحمّل المسؤولية، ولهذا كان على المعلم الناجح تهيئة هذه الفرص والظروف لتلاميذه.

ونحن لو عدنا لمهام الأسرة الرئيسية بالنسبة لطفلها في مرحلة الطفولة المبكرة نجد أن من مهامها تعليم أطفالها المشي وتناول الطعام وتعلم النطق والكلام والاحتشام بين الجنسين وتكوين المفاهيم البسيطة عن الحقائق الجسدية والاجتماعية وتعلم الارتباط العاطفي بين أفراد الأسرة والتفريق بين الخطأ والصواب،وهكذا لكل من الأسرة والمدرسة دورهما الكبير ومهامهما الجسيمة التي ينبغي القيام بها.