728 x 90



img

تحدثنا في الجزء الأول عن مفهوم الضبط الذاتي كمهارة حياتية ينبغي على المرء تعلمها خاصة في مرحلة الطفولة، وأيضا يمكن تعلمها حتى في مراحل ما بعد الطفولة، كما أننا وضعنا رسما توضيحيا لكيفة تعديل السلوك غير المرغوب، عبر وضع بدائل لكل مسببات ونواتج هذا السلوك. والآن سوف نتناول بعض الاستراتيجيات المفيدة والهامة من أجل تنمية مهارة الضبط الذاتي لدى الفرد.
استراتيجيات لتنمية الضبط الذاتي
1- تجنب الأدوات والبيئة المشجعة لحدوث السلوك غير المرغوب:
فمثلا إذا كنت تدخن، فعليك الابتعاد عن المقاهي، وكذلك إبعاد علبة السجائر تماما عنك عند قيامك بزيارة الأصدقاء، وعدم ارتياد الأماكن التي تبيع السجائر قدر الإمكان.
أيضا إذا وجدت نفسك لا تقاوم السهر خارج المنزل مع الأصدقاء بصفة يومية حتى ساعة متأخرة من الليل، فعليك بتوفير بيئة منزلية مشجعة، كأن تطلب من أحد أفراد الأسرة على مساعدتك في تقليل السهر خارج المنزل، مثل: الجلوس معا جلسة سمر عائلية، وتبادل أطراف الحديث وممارسة بعض الأنشطة الترويحية داخل المنزل، وغيرها من الأمور المشروعة التي يمكن أن تعوض مسألة السهر خارجه.
2- مقاومة الأفكار التي تدعم السلوك غير المرغوب بأفكار مضادة:
ويقصد بها تجنب التفكير في المسببات التي تدفعك إلى ممارسة هذا السلوك، فمثلا المراهق الذي يمارس العادة السرية، عليه أن يتجنب مشاهدة كل ما يثير رغبته، وإذا فكر في ذلك، عليه أن يفكر بطريقة مضادة، فمثلا تخيل صورة مثيرة، يستبدل هذا التخيل بقراءة القرآن، أو ممارسة رياضة، أو إنجاز حققه في حياته.
3- إحاطة الجسد بمؤثرات تمنعه من حدوث السلوك غير المرغوب:
وهو إحاطة جسدك بمؤثرات تمنعك عن ممارسة السلوك غير المرغوب، كأن تجلس بمفردك في غرفتك بالمنزل وتتحدث إليها بصوت مرتفع وتوجهها لفعل السلوك الصحيح، مثلا، الربيع ابن خيثم وهو علم من أعلام التابعين كان يحفر حفرة في بيته وعندما يشعر أنه قد يسلك سلوكا خاطئا أو أنه ابتعد قليلا عن طاعة الله، فإنه ينزل إلى الحفرة كأنها قبر، ويقول رب ارجعوني لعلي أعمل صالحا، وعندما يخرج يقول لنفسه ها أنت يا نفس قد رجعت، فاعملي صالحا كما وعدتي.
4- التعامل مع رغبات الذات بالحيلة:
مثلا الشخص الذي يعاني من السمنة، قبل أن يذهب لتناول الطعام، يقوم بتناول كمية كبيرة من الماء حتى لا يأكل كثيرا.
5- استخدام المثيرات المنفرة أو المؤلمة:
فمثلا الطفل الذي تعود على مص الأصبع، يوضع على أصبعه مادة مرة حتى إذا مص أصبعه شعر بمرارته وبالتالي يبدأ في الكف عن ممارسة هذا السلوك (مص الأصابع).
6- التعامل مع الذات بمبدأ الثواب والحرمان:
بمعنى أن الشخص عندما ينجح ولو جزئيا في تعديل سلوكه، فإنه يكافئها كأن يشتري لنفسه شيء جديد، وغيرها من المكافآت، وإذا ما قام بالسلوك غير المرغوب، فإنه يحرم نفسه مثلا من شيء محبب لديه حتى لا يفعل ذلك مرة أخرى، فمثلا إذا قام بتدخين سيجارة، فإنه يفرض على نفسه المشي مسافة 2 كم مثلا، وهكذا....
7- الانشغال بسلوك بديل:
التخطيط وإدارة الوقت وإشغال اليوم بأنشطة مرغوبة، يقلل من فرص لجوء الشخص للسلوك غير المرغوب، فمثلا: ممارسة الرياضة، والقراءة، والجلوس مع الأهل، والقيام بمهام المنزل، كلها أعمال مفيدة تشغل الفرد عن ممارسة سلوك غير مرغوب.
8- التحدي والمنافسة مع الذات:
تعامل مع نفسك عندما تسلك السلوك غير المرغوب كما لو كانت شخصا آخر يريدك أن تقوم بذلك، وتحداها في أنك لن تفعل ذلك، وحينما تأمرك بفعل هذا السلوك، تحدى هذا الأمر بأن تفعل سلوك معاكس له (سلوك سلبي)، مثلا: إذا حدثتك نفسك بأنه يجب أن تدخن، افعل العكس كأن تقوم مثلا بممارسة نشاط آخر مثل المشي، أو التحدث إلى صديق، أو مشاهدة التلفاز، أو قراءة القرآن ...إلخ
9- التفكير في إنجازات حققتها باستخدام ضبط الذات:
عليك أولا التعرف على مميزاتك وأنك شخص لك استقلاليتك، تستطيع التحكم في كل شيء يخصك وبإرادتك، كذلك فإن التفكير في الإنجازات التي حققتها عندما تحكمت في نفسك يشجعك على استكمال تلك الإنجازات، فمثلا: تفكر في أنك قد نجحت في تقليل معدل التدخين اليومي، فإن ذلك يشجعك على الاستمرار في تقليل هذا المعدل إلى أن تتوقف تماما عن التدخين، كذلك عندما تفكر في أنك كيف نجحت في ضبط وقتك وإدارته بكفاءة من أجل التحصيل الدراسي الجيد فإن ذلك يشجعك على التخطيط ليومك بكفاءة وفاعلية.
بهذه الاستراتيجيات التسع تستطيع بنسبة كبيرة التحكم بداخلك، وتطويع الظروف الخارجية لصالحك من أجل إحداث تغيير مرغوب يؤثر بالإيجاب في حياتك.

أ:محمد كمال.