728 x 90



img

إضاءات نفسية :
أبناؤنا وحب الوطن

ان الشباب هم الثروة الحقيقية للوطن ولا مستقبل لأمة تبني بعيداً عن شبابها ولا مستقبل للشباب لم تهيأ له سبل الحياة والتعليم والتربية ، وإذا أردنا أن نصل إلى شباب يقدر قيمة الوطن فلا بد أن نغرس فيه القيم وحب الوطن منذ الطفولة .
فالشباب ليس نسيجاً بعيداً عن المجتمع ، فهو جزء من هذا المجتمع وجزء من البيت والمدرسة .
قد يظن البعض أن تربية الأبناء على حب الوطن تقتصر على إلقاء معلومات نظرية فقط ، مثل أن يقال لهم "حبو وطنكم" ودون أن يكون لهذه التربية تطبيق عملي في الواقع كما أنه لابد من التكامل بين مؤسسات المجتمع المعنية بالشباب وان نتعاون على تربية الأبناء تربية عملية في حب الوطن حتى يشعرون بالانتماء والمحافظة عليه .
والطرق العملية لحب أبنائنا للوطن والتربية الحقيقية هي التربية العملية التي تبني القيم الوطنية في قلوب أبنائنا .
وما أجمل أن يكون للإنسان وطن يستقر فيه ويعتز بالانتساب إليه وان من الابتلاء أن يفقد الإنسان وطنه ويصبح مشردا لذلك فان حب الوطن من الإيمان لذا فانه يجب علينا جميعا ان نقدس تراب هذا الوطن ونحافظ على أمنه واستقراره وان نحترم الديمقراطية التي يحسدنا عليها الكثيرون .
فصعوبة بناء الأوطان وسهولة الهدم من مسلمات الفكر الإنساني السليم سواء كان في مسائل اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية أو أمنية فالمواطن الصالح الحريص على مصلحة وطنه ومجتمعه هو الذي ينظر إلى واقع وطنه ومجتمعه وما فيهما من عناصر القوة والضعف وما يحتاج إلى بناء أو ترميم ، ولا يحرص على تحقيق مصلحته الخاصة دون مصلحة الوطن فيفسد في ارتجاله ويهدم أكثر مما يبني .
إن تربية الأبناء تحتاج إلى الجهد الكبير ، والعمل المتواصل والدراسة والتدريب ، هذا لمن يريد لأولاده أن يكونوا نافعين لدينهم ولوطنهم ، وإن تربية الأبناء على حب الوطن من المعاني المهمة التي يجب أن يعتني بها الآباء والمربون ، لأنه يولد عند الأبناء الولاء والانتماء والعمل المتواصل لنهضة ورفعة وطنهم ، كما أنه يعلمهم أن هناك هدفا أكبر يعيشون من أجله في هذه الحياة ، يتعدى هذا الهدف المصلحة الشخصية إلى المصلحة العامة الجماعية .
فحب الوطن من الأمور الفطرية التي جُبل الإنسان عليها، فليس غريباً أبداً أن يُحب الإنسان وطنه الذي نشأ على أرضه، وشبَّ على ثراه، وترعرع بين جنباته، كما أنه ليس غريباً أن يشعر الإنسان بالحنين الصادق لوطنه عندما يُغادره إلى مكانٍ آخر، فما ذلك إلا دليلٌ على قوة الارتباط وصدق الانتماء.
إن حب الوطن واجب شرعي وديني وأخلاقي، هذا الحب يجب أن يترجم إلى واقع وإلى أفعال تؤكد هذا الحب وذلك الانتماء، حب الوطن هو شعور لا يجب أن يظل حبيسا في الصدور ومكنونات النفس، حب الوطن يجب أن يترجم إلى أفعال والى أقوال، فالوطن يستدعي منا جميعاً أن نعّبر عن هذا الحب وأن يكون هذا الوطن ومصلحته وبقاؤه هو هدف أسمى لنا جميعاً، هذا الحب لا يترجم بحسب الهوى والمصالح الشخصية والذاتية ، فليس من حب الوطن معاداته وأهله، وليس من حب الوطن نهب خيراته وأمواله، وليس من حب الوطن العمل على الفرقة بين أبنائه وغرس ونشر ثقافة الكراهية والحقد والبغضاء ، وليس من حب الوطن أن نبتز الوطن من أجل مصالح أنانية أو ذاتية .
قبل أن ترفع علم بلدك وتجري لتهتف باسمها، وأنا أحترم وطنيتك، فكر ماذا عملت له، هل ساعدت فى ظهوره بمظهر حضاري لائق؟ أو اشتركت فى حملة توعية لخدمة مجتمعك؟ هل بدأت بنفسك لتكون مواطن متحضر و منظم و تحترم القانون و النظام؟ لابد أن يبدأ كل فرد بنفسه، وعندها ستتغير الأمور كثيراً وينشط الجميع وبالتدريج سوف تظهر معالم الرقي والتحضر.
إن ما نعيشه اليوم من النعم والأمن والاستقرار في هذا البلد المعطاء ، يجب أن يقابل بالشكر والامتنان لله عز وجل ثم لهذه القيادة الرشيدة .
إن المواطنة ليست تعريفا بالهوية في البطاقة الشخصية ، وإنما المواطنة الحقة هي الشعور بالانتماء الصادق لهذا البلد المخلص من أجل رفعته واستقراره وأمنه .
من واجبنا تجاه وطننا خدمته في شتى مجالات الحياة ، ومن واجب أفراد المجتمع التعاون لتتحد كلماتهم وصفوفهم ويصبحوا كالبنيان المرصوص؛ فيستطيعوا إعادة العزة والمنعة لوطنهم وصد الأخطار عنه.

خواطر نفسية :
الأبناء محبة ومسؤولية

فطر الله الوالدين على محبة الولد، وجعله ثمرة الفؤاد وقرة العين وبهجة الروح، بل إن المولى عز وجل مدح أولياءه في كتابه العزيز بأنهم يدعون الله ويتضرعون إليه أن يقر أعينهم بالولد الصالح " والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما" الفرقان
هذه المحبة مصدر الأمن والاستواء النفسي للولد ، كما أنها القاعدة الصلبة لبناء شخصية الولد على الاستقامة والصلاح والتفاعل الإيجابي مع المجتمع من حوله، ولا يُتصور تحقق هذه الغايات إذا كانت المحبة حبيسة داخل صدور الآباء والأمهات ، نعم هي موجودة وقوية لكنهم لا يظهرونها للأبناء ولا يعبّرون عنها قولا أو فعلا مما يضعف جسور الارتباط بين الابن وأسرته ، ويفوت على الطرفين الاستمتاع بهذه العاطفة الرائعة!
والأسرة هي الدائرة الأولى من دوائر التنشئة الاجتماعية ، وهي التي تغرس لدى الطفل المعايير التي يحكم من خلالها على ما يتلقاه فيما بعد من سائر المؤسسات في المجتمع .
الولد ذخر أبيه ونتاج عمره ، وامتداد ذكره ، وزينة حياته وأعز ما عنده ، وأقرب الناس إليه نسبا ، وروحا وفكرا .
وإذا كانت الحياة شجرة فإن ثمارها – بلا شك – البنون ، فما أسعد هذه الشجرة إذا أتت أكلها طيبا ، وما أشقاها إن أتت ثمارا مرة .
ويرى الآباء من الواجب عليهم أن يربوا أزهارهم تربية صالحة ، تجعلهم أبناء بررة يكونون لربهم طائعين وللناس محسنين ، وللحياة بالخير معمرين .
كما يشعر الزوجان بعد الطلاق بالغضب والفشل والوحدة والضياع ، يشعر أيضا الأبناء بذلك – بل إن خسارة الأبناء أكثر فهم يشعرون بالتصدع والانشقاق لأنهما لم يعودوا يرون الأب والأم " معا " في بيت واحد ، وأصبح لديهم مشكلات في الانتماء لأسرة وهم حيارى بين الولاء للأب والولاء للأم يشعرون أنهم مختلفين عن بقية زملائهم ، فقد فقدوا دفء الأسرة وسكينتها ، وفقدوا حنان ورعاية وحماية أحد الأبوين ، وذهبوا ليزاحموا أسرة أخرى في مسكنها وفي طعامها .
والأكثر من ذلك أنهم فقدوا فرصة النمو النفسي والتربوي الطبيعي ، فالولد يحتاج إلى أبيه كي يتوحد معه كنموذج للرجل ويحتاج لأمه كي ينشأ في نسيجه النفسي ذلك للجزء الأنثوي الذي يشعر بالأنثى، وينجح في التعامل معها .
والبنت تحتاج لأمها كي تتوحد معها كنموذج للمرأة ، وتحتاج لأبيها كي ينشأ في نسيجها النفسي ذلك الجزء الذكوري الذي يشعر بالرجل وينجح في التعامل معه .
يحاول معظم المطلقين -من الجنسين- استمالة الأبناء إلى صفوفهم، وتأليبهم ضد الأطراف الأخرى، وتأكيد أنهم ظالمون، وأنهم حرموا الأبناء من الدفء العائلي "وحكموا" عليهم باليتم رغم وجود الوالدين على قيد الحياة،وإخبارهم بكل التفاصيل السيئة لما ارتكبوه، واستخدام جمل من الطرفين.
فالأب مثلا يقول : لقد تحطمت بسببها ، لو كانت تحبكم لما طالبت بالطلاق، وفي نفس الوقت الأم تقول : لقد ترككم ليتزوج، إنها أنانية لا يحب سوى نفسه .
ويرد عليها هو فيقول :إنها سيئة هي وأهلها وقد "أضعت" عمري من أجلكم ولكنها لم تقدر، لقد جلبت لنا العار وأصبحنا حكاية تتناقلها الألسن، لن أسامحكم أبدا إذا لم تحصلوا على حقي منها، إذا تكلمتم معه أو مع أحد من أهلها فإنني سأتبرأ منكم.
وأسوأ ما يمكن أن يفعله المطلقون –من الجنسين- بأنفسهم هو الاستسلام للتحريض من الأهل والأصدقاء، "وتوهم" أنهم لم يخطئوا "أبدا" أثناء الزواج، وأن الأطراف الأخرى هي التي "احتكرت" كل السوء والأخطاء، وأنهم ضحايا، ويجب عليهم إما الانتقام لأنفسهم أو الانتظار أن يقوم الآخرون بتعويضهم وتناسي أن لا أحد يعوض غيره عما يضايقه، وأن من الذكاء أن نكون نحن الأيدي التي تمسح دموعنا بحب واحترام، وأن "انتظار" الاهتمام والتعاطف، ونيل صكوك الاعتراف بالبراءة من التسبب بالطلاق، وكيف كان رائعا طوال الزواج، ولم يقدر الطرف الآخر ذلك.. كل ذلك قد يمنح متعة الانتصار المزيف مؤقتا.
فأي طلاق لابد أن تكون وراءه مسؤولية مشتركة، ولو اقتصرت على التسرع في الزواج أو الافتقاد إلى مهارات التعامل مع أخطاء الشريك الآخر.
فاللحب قيمة كبيرة تبدأ منذ نعومة الأظافر ، حين تناغيه الأم وتداعبه فيشعر بالأمان ، و حين يفشل الأبوان في تربية أطفالهما حتى وإن كان بينهما انفصال ، فالهدف الأول والأخير هو الطفل
إذا فلنعمل على توفير الحب والحنان لأطفالنا .

طرائف نفسية :

1- يقول المريض: ذاكرتي ممتازة جداً ، ولكن هناك ثلاثة أشياء لا أتذكرها ، الوجوه لا أتذكرها جيداً، والأسماء لا أتذكرها جيداً ، وهنالك شيئ ثالث نسيته .
2- شخص معاند جداً ودائم الفشل بسبب ذلك ، حتى الأسبرين يسبب له الصداع .
3- سأل الطبيب مريضه : هل أفادت حبوب الذاكرة التي وصفتها لك ؟ فأجاب نعم إنها رائعة ولكنني أنسى أن آخذها في موعدها ، هل لديك دواء آخر ليذكرني بموعد الحبوب ؟.
4- كلب ينبح كثيراً ثم أصيب بانهيار عصبي لماذا ؟ لأنه ينبح على شخص أطرش.

همسات :

- الوطن أجمل قصيدة شعر في ديوان الكون .
- الوطن هو السند لمن لا ظهر له وهو البطن الثاني الذي يحملنا بعد بطن الأم .
- الوطن هو البحر الذي شربت من ملحه وأكلت من رمله .
- الوطن هو الحب الوحيد الخالي من الشوائب حب مزروع في قلوبنا ولم يصنع .
- الوطن المدرسة التي علمتنا فن التنفس .
- الوطن قلب ، نبض ، شريان ، عيون ، نحن فداه .
- الوطن قبلة على جبين الأرض .
الوطن أَجمَلُ قَصِيدَةُ شِعِرٍ فِي دِيوَانِ الكَوَنِ.

أجمل ما قرأت :

- كتاب ( يا بني أحب وطنك ) للمؤلف الدكتور حسن عمر القثمي .
فيقول: يا بني هذا وطنك هذا ماضيك وحاضرك ومستقبلك، كم يسعدني أن أهديك هذه الأسطر لتكون خير سفير لأهلك ووطنك فأنت من يصنع تاريخاً لنفسه وأنت خير من يترك أثراً بعده، أما الشكر والتقدير فقد توجه به المؤلف عرفاناً بالجميل لأناس كثيراً ما أنكروا ذاتهم من أجل هذا الوطن المعطاء، فهم الذين أمدوه بالأفكار الجميلة والمعلومات القيمة لإنجاز هذه المادة رافضين تدوين أسماءهم أو الإشارة إليهم، حريصين أن يكونوا شموع خير تنير الدرب لما فيه صفاء اليوم وبهاء المستقبل.
الكتاب يقدم مادة ثقافية تربوية تحفز على الالتفات نحو الوطن، وتسليط الضوء على مفهوم الوطن والوطنية وماذا يعني لنا ذلك كمواطنين وما هي مكانة الوطن في نفوسنا حتى نحافظ عليه وعلى مكتسباته وماذا يشكل لنا يومنا الوطني وكيف لنا أن نحب هذا الوطن بكل ما فيه، ونستشعر أهمية هذا الحب في ظل ما تميزنا به عن باقي الأوطان وكف نكون مواطنين صالحين إذا ما عرفنا ماذا يريد منا الوطن.

من إعداد الدكتور / العربي عطاء الله
( إستشاري في الإرشاد النفسي والأسري)