728 x 90



img

إضاءات نفسية :
تقييم الذات

من الأهمية بمكان أن تقيم نفسك، فإن تقييمك لنفسك يساعدك على بناء حياتك على أساس آمن، إنك ستفوز بالكثير إن عاملت نفسك باحترام مثل الشخص الذي يتمتع بقيمته الداخلية.
وتقييم نفسك يختلف عن حبك لنفسك، ونحن قد نحترم ونعجب بشخص ما ولكننا لا نحبه، وقد نقبل بفكرة أن الشخص الذي نحبه له قيمته الداخلية.
هل لديك معيارًا تقيس به الأمور مع الآخرين ومعيارًا آخر أرقى عند قياسك لنفسك؟
إنك لو طبقت هذه المعايير المزدوجة فإنك تعمل على تقويض ـ أي هدم ـ نفسك باستمرار. إن هذا الأمر بمثابة محاولة لبناء منزل فوق الماء أو الطين يقوم ثم يسقط.
إذا نظرنا إلى سير التابعين وإلى العظماء من علماء المسلمين والقادة والمجاهدين ثم نظرنا إلى أنفسنا فإذا هو لا شيء بالنسبة لهؤلاء، ونسينا أن إعجابنا بهؤلاء لا يمكن أن يمحي أن لكل منا قيمة في هذه الحياة، وأن الله خلقنا وكرمنا وحملنا في البر والبحر وسخر لنا الدواب والماء والرياح، وأسجد لنا الملائكة وأقسم بنفوسنا فقال: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} [الشمس:7]
و التعالي هو النظر إلى النفس والآراء وتقييمها بصورة أكبر مما تقوم بها مع الآخرين، وإذا قمت بالحط من قيمة نفسك فإنك بذلك تقوم بنفس الخطأ الذي يرتكبه الشخص المتعجرف المتعالي، لكن بالعكس إنك بذلك لا تكون عادلاً مع نفسك.
وهنا يفهم خطأ مفهوم التواضع ومقت النفس الذي يحثنا عليه الشرع.
فالشرع دائمًا يخاطب النفس بخطاب مزدوج ليحقق لها التوازن، فدائمًا هناك الخوف وهناك الرجاء، هناك المغفرة وهناك العقاب، فأنت قد أعطاك الله المواهب وجعل لك قيمة في هذه الحياة، ولكن لعمل وللخلافة في الأرض وليس للكبر والبطر والغرور والاستبداد.
فأعطاك الله ما أعطاك منَّة منه وفضل يستوجب الشكر.
فهذا رسولنا الكريم يثني على أصحابه بما هم أهله ومع ذلك كانوا أكثر الناس تواضعًا وإنصافًا.
فهذا هو الصديق وهذا الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل، وهذا أمين هذا الأمة، وهذا أسد الله، وهذا سيف أسله الله على الكافرين وهذا وهذا، لقد عرف ـ صلى الله عليه وسلم ـ قيمة أصحابه وعرفوا قيمة أنفسهم وقيمة الآخرين، وبعد ذلك تواضعوا ولكن لله عز وجل، وخضعوا الجناح للمؤمنين، ولا يخفض الجناح إلا من شعر بالقوة والثقة.
أحيانًا ما نقلل من تقييم أنفسنا، ليس لأننا قد منينا بخيبة الأمل في إنجازاتنا، بل لأننا أصبنا بخيبة الأمل والرجاء في أنفسنا وفي شخصيتنا المعنوية وأننا لم نرتق إلى مستوى معاييرنا الشخصية في السلوك، لذا نقوم بجلد أنفسنا بلا رحمة.
والأخطاء مما لا شك فيه سبب في إعادة النظر إلى كثير من الأمور، ولكن لا يجب أن نجعل لكل الأخطاء وسيلة لكي نهدم بها ذواتنا، بل الواجب أن نصحح الخطأ بسرعة، وأن نعتبر أن الإنسان دائمًا يخطئ، لكن الإنسان المحترم يسارع إلى تلافي الأخطاء وتحويلها إلى خبرات ومهارات يمكن الاستفادة منها في المستقبل، وهذا هو المنهج الرباني في التعامل مع الأخطاء، فها هم الصحابة في غزوة أحد يخطئون ويخالفون أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وها هو القرآن ينزل بقرعهم على فعلتهم ويوبخهم على أخطائهم، ولكن يربت على ظهورهم ويقول لهم: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:139]
ـ فالإنسان يحاسب نفسه ولكن يحاسبها الحساب الإيجابي الذي يولد العمل والإنجاز والثقة بالذات، وليس المقت السلبي الذي يورث القلق والفزع واحتقار الذات والصراع معها.

خواطر نفسية :
الشخصية المستبدة

إن الشخصية المستبدة تتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم ويحاكمهم بهواه لا بشريعتهم ، ويعمل من نفسه أنه الغاصب المعتدي ، فيضع كعب رجله على أفواه الملايين من الناس يسدها عن النطق بالحق والتداعي لمطالبته ، ونجد شخصية المستبد عدو للحق وللحرية .
المستبد لا يكترث بكل من حوله ويجهل أن مساعدة الآخرين والنظر إليهم بعين الرأفة والإهتمام طريق العظماء الذي انتهجوه ، ذلك أن الجماعة غلبت الفرد ، فكلما نظرت للناس وكأنهم جزء منك ، لهم الحق في التعبير والعمل دون وجود النزعة الذاتية ، كلما استطعت بناء فريق عمل منتج ومتعاون قادر على العطاء .
إن الأسلوب الإستبدادي في الصراخ على الناس لن يثمر إلا أفراداد متمردين غير متعاونين ، بينما البحث عن روح الصداقة والزمالة ، وإيجاد جسور مشتركة من الحب والإحترام هو الطريق الأسلم .
غالباً النمط الاستبدادي من الناس أشقياء وغير سعداء ويفتقدون للأمن النفسي ، فهم في حالة من القلق والتوتر الدائم ، وفي شعور مصاحب لهم بالتهديدات ، وهذه الحالة تزيد من وتيرة الاستبداد لديهم فهم لا يسمحوا للآخرين بهامش من النفوذ أو تفويض للسلطة والمسئولية خوفاً من رد الفعل الانتقامي ، وأن يقعوا تحت طائلة المسائلة والعقاب، ربما يكون هذا السلوك فطري غريزي ، أو إنه نتيجة لظروف اجتماعية صعبة وقاسية . أو الاثنين معا. يعزز من سلوك الشخصية المهيمنة ضعف واستكانة وإيثار السلامة من جانب الفئة المستكينة الهادئة من الناس التي لا تستطيع أن تقول رأيها ولا تناضل من أجل حقها ، وتستخدم أسلوب المهادنة، فكأنها تعطي مكافأة لهذا السلوك المتطرف المنحرف ليزيد في عنفوانه وسيطرته. الشخصية المسيطرة غالباً تبدأ ظهورها في سن مبكرة في صورة حب الذات (الأنا) نتيجة لشعورها المفرط بالكره من جهة أحد الوالدين أو قسرها على السير في مسار معين يرضي طموح الوالدين ، أو نشأتها على حب الاستحواذ على كل شيء تريده وترغبه ، مستغلة عاطفة الوالدين. فهذا السلوك المبكر يلعب دور كبير في ولادة الديكتاتور المنتظر . على الرغم من إن سلوك هؤلاء يعد تحدياً صعباً للمتعاملين معهم إلا إنهم يستحقون العطف والرثاء لحالهم. الناس التي تعاني من الضعف في قدرتها على اتخاذ القرار هم في الغالب خاضعين تحت سلطة قوية قاهرة . تنكأ جراحهم ، وتضعف باستمرار من ثقتهم بأنفسهم ولا تخلق لهم الفرص لنمو جانب الاستقلالية في اتخاذ قرارات تخصهم ، ولا تشجعهم على الخطأ ، ليتعلموا الصواب . هؤلاء الناس لا يريدون سوى التحرر من هذه القيود ، فهم لا يسعون ولا يتطلعون إلى أخذ أدوار المسيطرين ، ولكنهم يريدوا أن يزيدوا من رصيد مهاراتهم واستقلاليتهم . هذا كما قلنا ليس بالشيء الصعب، ويمكنك استخدام بعض التقنيات السهلة الممتعة والمنجزة .
والقرآن الكريم مليئ بالمواقف التي تنبذ الإستبداد وتدعو إلى المساواة والعدل وإحترام آراء الآخرين فلا مجال للإستبداد وإلغاء العقول ، مصداقا لقول الله تعالى : " وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله " الشورى 38 .
لقد حرص الأنبياء والرسل على فك عقول البشرية من عبادة غير الله تعالى والانقياد له سبحانه وتعالى ، لأن الاستبداد يقيد حرية الأفراد وينغص عليهم حياتهم ، فهو يستولي على العقول والأجسام فيفسدها ويقاوم الرشد والتعقل ، ولنتأمل في مقولة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما قال : " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا " .
إن الجو الحواري الهادئ يسمو على كل مفهوم يفاخر به المنهزمون ، إنها الشورى التي تفسح صدر الحاكم مهما علت مكانته للمعارضة النظيفة والمواجهة الشريفة .

همسات :

- إن الرجل إذا عدد محاسن امرأته وتجافى عن النقص سعد وارتاح .
- إن على الرجل أن يسكت إذا غضبت زوجته ، وعليها أن تسكت هي إذا غضب حتى تهدأ الثائرة ، وتبرد المشاعر وتسكن اضطرابات النفس .
- ما أحوجنا إلى المثابرة واستثمار الوقت ، ومسابقة الأنفاس بالعمل الصالح النافع المفيد .
- التوسط في المعيشة أفضل ما يكون فلا غنى مطغيا ولا فقرا منسيا ، وإنما ما كفى وسقى وقضى الغرض وأتى بالمقصود في المعيشة ، فهو أجل العيش عائدة وأحسن القوت فائدة .
- إذا انتهى وقت المشاورة والاستخارة ، وعزمت وتوكلت وصممت وجزمت ، فاترك حياة التردد والاضطراب .
- إن التردد فساد في الرأي وبرود في الهمة وخور في التصميم وشتات للجهد وإخفاق في السير .

أجمل ما قرأت :
بوصلة الشخصية طريقة جديدة لفهم الناس‎ ( مكتبة جرير )
كتاب للمبدعين ثيلما جريكو ‎/‎ ديان تيرنر‎ ، فهذا الكتاب كان في الأساس قد كتب باللغة الانجليزية وتم ترجمته للعربية يحتوي على 231 صفحة من العلم الحديث لتطوير الذات .

( من إعداد الدكتور / العربي عطاء الله )
إستشاري في الإرشاد النفسي والأسري