728 x 90



img

بصمة :
ماذا إستفدت من مدرسة الصيام ؟

ها هي أيام رمضان ستنقضي ، ولياليه قد تولت ، إنقضى رمضان وذهب ليعود في العام القادم ، إنقضى رمضان شهر الصيام والقيام ، وشهر المغفرة والرحمة .
كم من صحائف بيضت، وكم من رقاب عتقت، وكم من حسنات كتبت، وفي قلوب الصالحين لوعة ، وفي نفوس الأبرار حرقة
سيذهب شهر رمضان بأيامه ولياليه ودقائقه وثوانيه، ولئن كان ذلك الشهر موسمًا عظيمًا من مواسم الخير والطاعة، فإن الزمان كله فرصة للخير والتزود للدار الآخرة، وليست العبادة خاصة بشهر رمضان، بل الحياة كلها عبادة، قال الله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر99
إذا وطدت صلتك بالله سبحانه وتعالى فتح لك طاقة نورانية من عنده ، فتنتشر أنوار قلبك وتضيء لك جميع أجزاء ليلك ونهارك وتسهل لك أمور حياتك وآخرتك وتمدك بقبول لدى الخلق ، فيرتاحوا للتعامل معك ويلجأوا إليك للنصيحة والمشورة ، وطلب الحاجات فتتيسر حاجاتك ويبارك الله في جهدك وعملك ، وتحس براحة نفسية غامرة سرها هذا القبول الرباني الذي وضعه الله تعالى في قلوب الخلق ، نور الله الذي يشملك بعنايته ويحيطك برحمته .
وإذا أردت أن تعرف مقامك وقدرك عند الله تعالى فانظر بم استعملك وعلى ماذا أقامك ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ازهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس ) رواه الترمذي .
إن القوة الإيمانية هي ذلك النور الإلهي العجيب الذي ما إن استعنت به لن يخذلك الله بعد ذلك أبدا ، وهذا النور هو الذي يمدك بالقوة الجسمانية في بدنك وسعة في رزقك ، وبركة في زوجك وأولادك وبيتك وزودك باليقين والثقة بالنفس والطمأنينة والراحة النفسية والسعادة الأبدية .
إن التغيير الحقيقي لن يتحقق إلا إذا ربطته بالمنهج الإلهي القويم ، ولن تتعزز إلا إذا وضعتها في سويداء قلبك ووجدانك وفكرك ومشاعرك فصارت جزءا منك لا يتجزا فتحقق النمو في الإيمان والنجاح في الوصول إلى رضا الله تعالى .
إذا أردت أن تغير من حالك ومن نفسك ، فعليك بتوطيد صلتك بالله تعالى وتقوية إيمانك ، وشحذ همتك ، وشد عزيمتك ، وانطلق نحو التغيير في عالم لا محدود من السعادة والرضا والسكينة النفسية .
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى : ( في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه ، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ، ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا ) .
وضع الله لك منهجا إلهيا كاملا متكاملا وقلبه هو قوة الإيمان كي تدور في منهجه وتعيش في فلكه وتعمل في جميع مراحل حياتك فتعيش هادئ النفس راض القلب مطمئن البال ، ومرتاح الضمير .
إذا أسكنت المنهج الرباني في قلبك وتلقيته في كيانك وعشته بأحاسيسك وشعرته بمشاعرك ، ونفذته بأقوالك وأفعالك ، استطعت أن تغير من نفسك إلى الأفضل ، وبها تسمو نفسك عن الصغائر وترتفع عن الدنايا ، وتتطهر من الذنوب والخطايا ، وتزكو عن الآثام والمعاصي ، وتكون قد وفقت في جميع أعمالك بإذن الله تعالى ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء ) رواه الترمذي .

نفسيات
بأي حال عدت يا عيد ؟

لكل أمّةٍ مِن الأمَم عيدًا يأنسون فيه ويفرحون ،وهذا العيد يتضمَّن عقيدة هذه الأمة وأخلاقَها وفلسفةَ حياتِها، فمِن الأعيادِ ما هو منبثِق مِن الأفكارِ البشريّة البعيدة عن وحيِ الله تعالى، وهي أعيادُ العقائد غيرِ الإسلاميّة، وأمّا عيد الفطر وعيد الأضحى فقد شرعه الله تعالى لأمّة الإسلام، قال الله تعالى: (( لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا ))[الحج:34].
ففي العيد يستروح الأشقياء ريح السعادة، ويتنفس المختنقون في جو من السعة، وفيه يذوق المُعدمون طيبات الرزق، ويتنعم الواجدون بأطايبه.
ففي العيد تسلس النفوس الجامحة قيادها إلى الخير، وتهش النفوس الكزة إلى الإحسان.
وفي العيد تنطلق السجايا على فطرتها، وتبرز العواطف والميول على حقيقتها.
إنها سعادة غامرة تلك التي يستشعرها المرء عندما يسعد الآخرين أو يشارك في إسعادهم أو تخفيف آلامهم ، سعادة لا تحس بها إلّا النفوس الطاهرة النقية، التي رجاؤها دوما وجه ربها وسعيها دوما هو في طرق الخير المضيئة .
إن الحياة كد وتعب ومشقة وصعاب ومشكلات واختبارات وآلام ، وما يصفو منها ما يلبث أن يتكدر، وليس فيها من أوقات صفاء رائق إلا أوقات العبادة المخلصة لرب العالمين سبحانه .
والناس ..كل الناس بحاجة إلى يد حانية , تربت على أكتافهم في أوقات المصائب ، وتقوم انكسارهم في أوقات الآلام ، وتبلل ريقهم بماء رقراق عند جفاف الحلوق .
وهي من أهم الوسائل في تقوية الروابط وامتزاج القلوب وائتلافها .. كما إن إدخال السرور على المسلم يعد من أفضل القربات وأعظم الطاعات التي تقرب العبد إلى الله سبحانه وتعالى .
ولإدخال السرور إلى القلوب المسلمة طرق كثيرة و أبواب عديدة منها ما ورد في حديث ابن عمر :
( أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن !! ولكن كيف تدخله؟! قال : تكشف عنه كرباً أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً . ولئن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف شهراً في المسجد ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظه ولو شاء الله أن يمضيه أمضاه ملأ الله في قلبه رجاء يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى يثبتها له ثبت الله قدمه يوم تزل فيه الأقدام ) .
وإن سوء الخلق ليفسد الأعمال فلا أقل من الابتسامة والبشاشة فابتسامتك بوجه من تلقاه من المسلمين لها أثر في كسب قلوبهم ؛ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ) والوجه الطلق هو الذي تظهر على محياه البشاشة والسرور .. قال عبد الله بن الحارث ( ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم) وقال جرير ( ما حجبني رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم ) .
كما كان صلى الله عليه وسلم ينبسط مع الصغير والكبير يلاطفهم ويداعبهم وكان لا يقول إلا حقا ، وبهذا الأسلوب كسب قلوب صحابته .
إن مجتمعاتنا اليوم ، و التي تعيش الآن في صراعات متشابكة على المصالح الشخصية - لفقيرة إلى فهم ذلك المعنى العظيم ، الذي يصرخ فينا أن سارعوا إلى الرفق بالناس وتفريج الكرب عنهم وتخفيف آلامهم وإطعام جائعهم وقضاء الدين عن مدينهم ، وإهداء السرور لحزينهم .
وما أروع هؤلاء الصالحين ذوو النفوس الطاهرة الذين يسعون دوما في إدخال السرور على إخوانهم , فيسألون عن أحوالهم ويسارعون في نجدة ملهوفهم , ومداواة مريضهم وحل مشكلاتهم مهما كلفهم ذلك ، تعبا في أجسادهم أو بذلا من أموالهم أو شغلا في أوقاتهم ، رجاء بسمة سرور ورضا من هذا الحزين بعد زوال حزنه ، فيسرها الصالح في نفسه ليعدها في صالحات أعماله يوم اللقاء .

مهارات حياتية:

1- العيد فرصة طيبة لتصالح المتخاصمين أو لصلة المتقاطعين وللسؤال عن من قصرنا فى حقهم بسبب مشاغل الحياة مما يقرب بين الناس ويبعث فى نفوسهم التسامح والرحمة والمودة .
2- توزيع زكاة الفطر على الفقراء والمساكين والمحتاجين تشعرهم بالسعادة والرحمة والمشاركة والتقدير من الآخرين.
3- من أهم الخطوات التربوية لنفسية الأطفال خطوة التهيئة، وهذه الخطوة رائعة؛ لكونها مشوقة وتمهد لاستعداد الروح والنفس لما هو قادم، وما أجمل هذا الاستعداد إذا اتسم بحاجته ليلامس مواهب الأطفال .
4- من أفضل الأساليب المعززة للسلوك الإيجابي الذي ننصح به هو أسلوب المكافأة، وفي العيدية رمز إيجابي يعزز لدى طفلك تفكيره وسلوكه الإيجابي، خاصة في أيام العيد، وهو أسلوب يعشقه الصغار ويتنافسون من أجل أن يتمتعوا به، وأن يكونوا الأفضل من بين أقرانهم .
5- حاول جدولة أيام العيد بحيث يحمل كل يوم شيئًا جديدًا، وبعد العيد لا تُسقط هذا النظام من حياة طفلك، بل اجعله يتناسب مع الزمن والوقت الجيد.

تفاءل وابدأ الحياة :

1- إن الخصال التي تجعل الإنسان ناجحا هي الجرأة على التفكير والجرأة على توقع الفشل .
2- من أكثر الأخطاء التي يرتكبها الإنسان في حياته كانت نتيجة لمواقف كان من الواجب فيها أن يقول لا ، فقال نعم .
3- الصلاح مصدر قوة ، فالرجل المستقيم الصدوق النافع قد لا يصبح مشهورا أبدا ، لكن يصير محترما ومحبوبا من جميع معارفه .
4- على المرء أن لا ينسى الجانب الإنساني في تعامله مع الآخرين سواءا في حياته العملية أو الإجتماعية .
5- إعرف نقاط قوتك وركز عليها وإعرف نقاط ضعفك وتغلب عليها .
6- لا تقلل من قدرات الآخرين أو من شأنهم أو قيمتهم لأن النظرة السلبية للآخرين تنعكس عليك أنت بالدرجة الأولى .

( من إعداد الدكتور / العربي عطاء الله )
إستشاري في الإرشاد النفسي والأسري