728 x 90



img

الدوحة - الشرق
تطرق "الشرق" الأبواب الموصدة مجدداً، بطرح تجارب لأشخاص، دفعوا ثمناً باهظاً أمام استسلامهم لمخاوف قهرية، قادت بعضهم إلى الانتحار، والبعض الآخر إلى التضحية بمستقبله، لتضيق عليه دائرته، معتزلا أقرانه وذويه بسبب وساوس، وأفكار سلبية تجسد لهم الموت في كل حين.

"الشرق" بدورها وبالتنسيق مع جمعية أصدقاء الصحة النفسية "وياك"، تطرح التجارب، لإذكاء الوعي بالمرض النفسي، والطرق والآليات المتبعة لإيجاد الحلول السليمة من قبل مختصين، واستشاريين، لقطع الطريق على كل مدعٍ، ومُسوق للحلول باعتبار أن الأمراض النفسية مس شيطاني ليس له حل.

سيدة خمسينية على مشارف الانتحار والاضطرابات النفسية السبب

القضية الأولى تناقش حالة امرأة خمسينية، تراودها رغبة في الانتحار، بسبب جملة من المخاوف التي تسيطر عليها منذ 3 سنوات، دون أن تدرك السبب، مشيرة إلى أنها تعاني من جملة من الاضطرابات النفسية، كالفزع خلال فترات النوم، والشعور المتكرر بالموت، والمصحوب بآلام جسدية كتنميل أطراف اليدين، وفقدان الشهية العام، مع النوم المتقطع، والبكاء الهستيري دون أدنى سبب، حيث إنها توجهت إلى رقاة شرعيين، إلا أنها لم تراجع أي طبيب نفسي، إلا أنَّ المحيط بها شخص حالتها بالاكتئاب، وبالرغم من جهود أبنائها للتوصل إلى حل جذري حتى تعود والدتهم إلى طبيعتها إلا أنهم عجزوا أمام شكوى والدتهم المتكررة التي ليس لها أصل عضوي.

وكانت الاستشارة المتخصصة تشير إلى أنَّ السيدة تعاني من ما يطلق عليه باضطراب القلق العام، وهو أحد الاضطرابات النفسية ومن اكثرها انتشارا، وهو ببساطة عبارة عن شعور مفرط بالهم وتوقع المكروه أو الشر.

وحول طريقة التعافي، أشار المستشار النفسي إلى أنَّ أسلوب العلاج المعرفي السلوكي له دور فعال، ونتائجه جيدة جدا في علاج اضطراب القلق، مقدما جملة من النصائح الواجب اتباعها، من خلال التحصين النفسي وتقويتها بالتفكير الايجابي الفعال الذي يبني ولا يهدم، عدم الاستمرار أو التجاوب مع هذا النوع من الافكار السلبية بل تغيير الفكرة مباشرة بمجرد حدوثها في الذهن، ممارسة الرياضة نزولا على الحالة الصحية، بالإضافة الى ممارسة الانشطة والهوايات وتخصيص وقت معين للترويح عن النفس،عدم الاستغراق أو الانشغال بالذات وخاصة بما يظهر على الجسم من تغيرات فسيولوجية مثل تنميل اليدين، بل لا بد من الانشغال والاهتمام بالمحيط، كالخروج والتنزه مع أفراد العائلة، ونصح أفراد الأسرة بضرورة تقديم الدعم النفسي لوالدتهم، وإمدادها بالأفكار الإيجابية، مع ضرورة عرضها على طبيب أو استشاري نفسي.

شاب عشريني يضحي بمستقبله التعليمي انصياعاً لمخاوفه النفسية

يسرد القضية الثانية، شاب في مقتبل العمر، حيث إنَّ المخاوف النفسية حدَّت من ممارسة حياته بصورة طبيعية، وقضت على مستقبله الدراسي، حيث كانت البداية منذ عام تقريبا، حينما كان في طريقه إلى جامعته في المملكة المتحدة، ليصاب وبصورة مفاجئة بدوار، سمع على إثره أصوات متداخلة، تلاه أنه فقد وعيه مما جعله يعتقد أنه يحتضر، ليفتح عينيه في أحد المستشفيات بعد أن تم نقله عبر الإسعاف، إلا أنه كان معطل الأطراف، لافتا إلى أنَّ هذه الحادثة جعلته أسيرا لمشاعر الخوف، التي باتت تشل حركته، وتحد من ممارسته لحياته بصورة طبيعية، مما جعله يترك دراسته ويعود ثانية إلى مسقط رأسه، لافتا إلى أنه كان يعاني من ذات المشكلة منذ 6 سنوات، متسائلا كيف له أن يعود إلى حياته الطبيعية، حيث إنه اعتزل المجتمع، وباتت دائرة معارفه تضيق عليه شيئا فشيئا.

فكانت الاستشارة النفسية تؤكد معاناته بالوسواس، الذي ولد لديه شعور الإحباط والاكتئاب والضيق والحزن والبكاء والتوتر، الأمر الذي يجعل المصاب بها يفقد الكثير من تفكيره الإيجابي، وينصب كل فكرة نحو السلبية والتشاؤم، ويرى الماضي مُظلماً، ويرى المستقبل مُبهماً، ويرى الحاضر فاشلاً، هذا هو التَّصور الاكتئابي المرتبط بالوساوسِ القهرية.

وقد ذكر صاحب القضية أنه يشعر بالموت، ولديه الرغبة في التخلص من هذه الحياة، وكل هذا بسبب الرسائل السلبية التي برمجها في عقله الباطني بالفعل قد تحققت على أرض الواقع، وأصبحت جزءا من حياته، حيث إنها اثرت عليه، وأضعفت من شخصيته، وجعلته ينسحب من الواقع ولا يستطيع مواجهة الآخرين، فترك على إثرها دراسته، وأشغل نفسه بالأفكار التسلطية

ودعا المرشد النفسي صاحب القضية، إلى الصمود وعدم الاستسلام، والتغلب على هذه الأفكار، فهذه الرسائل ستؤثر سلبا على مجرى حياته، ومهما تعثر الإنسان في مسيرته يستطيع أن يتدارك الأمر، ويواصل مسيرة حياته بكل همة وجدارة وتفوق، فالإنسان يزداد قوة وصلابة وحنكة كلما ازدادت صلابته وتمسكه بالشيء الذي يريد أن يحققه، وكلما كان صابراً صامداً لا تهزه الصدمات ولا الأزمات، وكلما واجهته مشكلة يُعالجها بروية وحكمة وشجاعة.

وقال الاستشاري موجها حديثه لصاحب القضية" إياك والهروب من المواقف ومن الواقع، فصاحب الشخصية القوية يستطيع أن يتغلب وينتصر في المواقف الصعبة، مضيفا إن على صاحب القضية أن يكثر من الدعاء، وهذا أمر أساسي وقاعدة صلبة صحيحة تقوم عليها كل الأعمال، وعليه بالتفاؤل، وتحدي الأفكار الوسواسية السوداوية بالمواجهة، وبرمجة الأفكار على

سلوكيات سوية، ممارسة الرياضة، ورياضة الاسترخاء، باختيار مكان مناسب وهادئ لتصفية الذهن، والشعور بالنشاط والحوية."