728 x 90



img

هل الفضول ينبع من داخلنا أم أن مصدره البيئة المحيطة بنا؟ هل نحن البشر بطبعنا فضوليين؟ أم أن المؤثرات التي حولنا تثير فضولنا؟
في الواقع توجد عدة تفسيرات لهذه الظاهرة الشائعة والمهمة والتي تساعد علي التطور الإنساني والمجتمعي، وأحيانا كثيرة تكون مزعجة وهدامة للعلاقات الإجتماعية والإنسانية.
التفسير الأول للفضول هو أنه غريزة مثل باقي الغرائز في الإنسان والحيوان علي حدٍ سواء، مثل غريزة الجوع والعطش. وهنا يتم إشباع هذه الغريزة كإشباع الغرائز الأخري، فعندما يستثار الفضول لدينا فإننا نبحث عن رغبات لإشباعها سواء كانت هذه الرغبات قديمة أو جديدة. وفي الواقع فإن هذا التفسير لم يجيب علي سؤال واضح و مهم وهو لماذا الفضول يكون في شئ محدد أو لشخص معين؟. وهنا يأتي التفسير الثاني والذي يقول إن الفضول هو ردة فعل لمؤثر أو مؤثرات خارجية وخصوصا عندما نواجه شيئا لا ينسجم مع ما هو معروف لدينا، فمثلا تخيل إنك تجلس على مكتبك وتقرأ مقالة معينة وشاهدت قلم الرصاص الذي على مكتبك تحرك من مكانه دون أن تلمسه، طبعا هذا لا يتناسب مع ما نعرفة ومألوف لدينا وهو أن قلم الرصاص لا يتحرك من تلقاء نفسه! في هذه الحالة يستثار فضولك عن الأسباب التي أدت الي تحريك القلم من مكانه فتقوم عن مكتبك و تبحث عن أي مسبب قد يكون وراء تحريك القلم من مكانه وتحاول أن تجد تفسيرا لما حدث. وهنا نجد أن مثيرا خارجيا أثار فضولك للبحث عن الأسباب، ولكن في بعض الأحيان لا يكون هناك مؤثر خارجي وهنا نجد كلا التفسيرين لم يفسرا هذا السلوك بطريقة كامله وخصوصا عند غياب المؤثر الخارجي، لذلك نجد أن هناك من يقول أن الفضول عاطفة فكرية شائعة بين البشر والكائنات الاخرى حيث يكون الفضول ذو إتحاهين فكري إيجابي وعاطفي سلبي.

الفضول الفكري الإيجابي يشجع الناس علي الإكتشاف والأبحاث العلمية ودراسة الظواهر الطبيعية والإنسانية والاختراعات واستثمار الجهد والوقت في الاكتشافات التي تساهم في تطوير البيئة وتساعد الانسان علي العيش برخاء. وكلنا يعرف كيف جاء نيوتن بنظريته الشهيرة وكذلك خرائط الجينات كيف وصلت لنا واكتشاف الخلل في كهرباء الدماغ الخ.

أما الفضول العاطفي السلبي مثل التدخل في شئون الأخرين ومعرفة بعض أسرارهم وابتزازهم، فغالبا ما يكون هذا النوع من الفضول عن الأشخاص الذين يتصرفوا بوازع من العواطف السلبية وغالبا ما يهتمون بموضوع معين يخدم مشاعرهم أو أفكارهم السلبية وتفسيراتهم غير المبررة. فالفضول من الناحية السلوكية مرتبط بالتعزيز الإيجابي أو السلبي؛ فكلما كان هناك مكاسب ومكافآت على هذا السلوك فإنه يزداد والعكس صحيح، فالكثير من الناس يعتقد خطأً أن عدم معرفته بشئ ما يجعله يشعر بعدم الراحة أو معرفته بسر من الأسرار يجعله مهما وفي محط انتباه الآخرين.
والسؤال هنا هو كيف نحد من تدخل الناس الفضوليين وخصوصا الذين يسألون أسئلة لا نود الإجابة عليها؟ فكيف نوقف تدخلاتهم الفضولية بطريقة لائقة دون أن نسبب لهم إحراج أو أذى نفسي؟

إذا سألك أحد سؤالا شخصيا و محرج فمن الممكن أن تعتذر له قائلا “أنا آسف لا استطيع الإجابه علي هذا السؤال فهو بالنسبة لي سؤالا شخصيا”، أو من المكن أن تجيب على هذا السؤال كما يفعل الكثير من السياسيين عندما لا يريدوا أن يجيبوا الصحافيين وذلك بإعطاء إجابه غامضة وفضفاضة في نفس الوقت، فمثلا عندما يُسأل دبلوماسي عن مصروفاته ونفقاته ولا يريد أن يجيب بشكل واضح فيقول إن النفقات مهمة جدا لتطوير علاقات دبلوماسية مع الدول الصديقة كما هي مهمة لتطوير عجلة الاقتصاد في البلد ..الخ. كذاك من الممكن أن تستخدم نفس رد المعالجين النفسيين إذا سألهم أحد سؤالاً ولا يريدوا الإجابة عليه فيقولوا “على ما يبدوا أنه لديك أسباب مهمة لطرح مثل هذا السؤال”.

أحيانا كثيرة يسأل أحد الفضوليين سؤالا وربما يكون الجواب صعبا أو أن يضع الشخص في موقف محرج وهنا يمكن أن يكون أحد الردود واضحا و صريح مثل “أنا مش عارف كيف أجيب على هذا السؤال”.

وقد تزداد حدة الفضول ليصبح السؤال محرجا وبالتالي فإن الإجابة عليه من الممكن أن تكون أكثر إحراجاً من السؤال نفسه، وهنا قد يكون الجواب عبارة عن سؤال، مثل “ماهي الفائدة التي سوف تجنيها من معرفة الجواب؟”، واذا أجاب السائل على هذا السؤال فإنه بذلك يمنح وقتا للمسئول وفرصة للتفكير في الرد المناسب أو طرح سؤال جديد على السائل. وفي كثير من المواقف نجد بعض السياسيين لا يجيبوا علي الأسئلة المحرجة ذلك من خلال القفز على الموضوع للدخول في موضوع أخر.