728 x 90



img

حققت جمعية اصدقاء الصحة النفسية “وياك ” نجاحاً كبيراً منذ نشأتها في تقديم الدعم لمتلقي الخدمات النفسية من خلال البرامج المختصة وتوعية أفراد المجتمع بأهمية الصحة النفسية، والوصول بالفرد لتبني فلسفة عامة في الحياة تسمح له بأن يتصرف بكفاءة ونجاح يتناسبان مع إمكانياته، وأن يوظف تفكيره لتحقيق التوافق الاجتماعي، والسلوكي، والنفسي والوقاية من الامراض النفسية، ومركزها الرئيسي في مدينة الدوحة.
الجمعية التي تم إنشاؤها بمبادرة من سعادة الشيخ ثاني بن عبدالله آل ثاني رئيس مجلس إدارة جمعية «وياك» تهدف إلى تقديم المساهمة في تأهيل وتدريب العاملين في مجال الإرشاد النفسي ورفع مستوى الوعي حول قضايا الصحة النفسية والاجتماعية وحقوق متلقي الخدمات النفسية وتعزيز الالتزام بالممارسات المهنية في مجال الصحة النفسية والخدمات النفسية والاجتماعية.
“الشرق” التقت باختصاصي علم النفس العلاجي في جمعية وياك لمعرفة فعاليات الجمعية في علاج الامراض النفسية وكيفية الاتصال بها وتسهيل المهام التي تقوم بها في هذا المجال.
وفي البداية قال الدكتور العربي عطاء الله اختصاصي علم النفس العلاجي: أود أن أعرج على مفهوم الصحة النفسية، ونوضح للقارئ أن الصحة النفسية جزء أساسي لا يتجزأ من الصحة العامة، وكما هو معلوم فإن الصحة النفسية عبارة عن حالة من العافية يمكن فيها للفرد تكريس قدراته الخاصة والتكيف مع أنواع الإجهاد العادية والعمل بإتقان وفعالية والإسهام في مجتمعه.
وتمثل الصحة النفسية الأساس اللازم لضمان العافية للفرد وتمكين المجتمع من تأدية وظائفه بشكل فعال.
ويجب أن نعرف أن الاعتلال النفسي أو المشكلة النفسية لا تعرف صغيرا أو كبيرا، فالطفل والشاب والكبير، ذكرا كان أم أنثى كل منهم يتعرض لأي مشكلة نفسية، وقد تختلف هذه المشكلة من النفسية أو التربوية أو السلوكية أو الاجتماعية، فكل يصب في مجال الصحة النفسية، ولهذا كان شعار جمعية أصدقاء الصحة النفسية “وياك” أي نحن مع الجميع ولخدمة ومساعدة الجميع، ونصيحتنا لهؤلاء أن يهتموا بصحتهم النفسية، ولا يهملوها، وألا يترددوا أيضا في الاستشارة، فما خاب من استشار.
أمراض نفسية
وقال د. العربي إن عصرنا الحالي يُلاحظ فيه ازدياد المشاكل التي تعترض الأفراد سواء كانوا في مرحلة الطفولة أو في مراحل المراهقة والشباب والكهولة مما يؤدي إلى زيادة ملحوظة في نسبة الاضطرابات العصبية النفسية التي تصيب أبناء المجتمع.
وطبيعي أن يرافق هذه الزيادة في مشكلات الإنسان والاضطرابات التي تصيب علاقته بالمحيط، اتساع الاهتمام بها من قبل الباحثين ومن قبل المؤسسات الرسمية لما لذلك من أهمية بالغة في المساعدة على استقرار المجتمع عن طريق تأمين الطمأنينة النفسية للأفراد الذين يعيشون في ذلك المجتمع.
واوضح انه يجب التعرف أولا على المخ البشري، تلك المعجزة الإلهية، حيث يتكون المخ البشري من آلاف الملايين من الخلايا وهناك مراكز في المخ لكافة الوظائف النفسية والبيولوجية للإنسان، فهناك مركز للحركة ومركز للتنفس وكذلك هناك مركز للذاكرة والسلوك والمزاج والوجدان.. ويرتبط المخ بالحبل الشوكي الذي يقع داخل العمود الفقري وهو يحتوي على عدد ضخم من الخلايا العصبية وبذلك يتمكن من نقل كل أنواع المعلومات من وإلى المخ. وتتصل الخلايا العصبية بعضها ببعض بواسطة تشابكات عصبية، وهذه التشابكات أو المسافات الرقيقة بالرغم من أنها تفصل ما بين الخلايا لكنها في الواقع تربط بينها كيميائيا.. والرسائل تنتقل بين خلية وأخرى بواسطة مواد كيميائية تسمى الناقلات العصبية، وزيادة أو نقص الناقلات العصبية في المخ “مثل السيروتونين، دوبامين،ادرينالين..” يؤدي إلى اضطراب الوظائف النفسية للإنسان، فقد وجد مثلا أن اختلاف نسبة السيروتونين يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، ومن هنا جاءت فكرة كيفية ضبط تركيز الناقلات العصبية وإيجاد توازن بينها باستخدام العقاقير التي تؤثر على الناقلات العصبية وإعادتها إلى وضعها السليم.
واوضح أن المرض النفسي يحدث بسبب اختلال في نسبة الناقلات العصبية في الجهاز العصبي للإنسان وذلك نتيجة عدة عوامل منها تأثير الوراثة والبيئة والتربية وعوامل عديدة أخرى جاري البحث عنها، والمرض النفسي مثله في ذلك مثل الأمراض العضوية الأخرى له أساس عضوي.
ونلاحظ أيضا أن مجتمعاتنا الحديثة أكثر عرضة من المجتمعات القديمة لإيقاع الإنسان بالمرض النفسي العصبي، فمجتمع اليوم مجتمع يقوم على التنافس والصراع، وعلى الإجهاد وحب السيطرة والكسب إنه زمن اللاطمأنينة، والمخاوف، وضعف الوازع الديني، وانهيار القيم الأخلاقية والاجتماعية، ويتناول علم النفس الأمراض النفسية والعقلية تحت شكل تقسيمات وتصنيفات متعددة: فهي إما أن تكون نفسية عصبية، وإما أن تكون عقلية.
أما عن دور الأسرة فهي تلعب دوراً هاماً في الوقاية والعلاج والشفاء منه، وذلك في متابعة المريض والاهتمام به والعناية بمتطلبات العلاج.
مسميات الأمراض
وقال د. العربي إن علم تصنيف الأمراض النفسية أو التصنيف، هو أحد الجوانب الرئيسية في الطب النفسي وغيرها من المهن الصحية العقلية ونقطة محورية لمن تم تشخيصهم. يوجد حالياً اثنان من التصنيف الطبي تم إنشاؤها على نطاق واسع لتصنيف الأمراض العقلية— الفصل الخامس من التصنيف الدولي للأمراض (ICD — 10) الذي وضعته منظمة الصحة العالمية (WHO) والدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض العقلية (DSM — IV) الذي وضعته الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين(APA).
إن التنقيح العاشر للتصنيف الإحصائي الدولي للأمراض والمشاكل الصحية ذات الصلة (ICD — 10) يشتمل في الفصل الخامس على تصنيف مفصل لأكثر من 300 اضطرابات نفسية وسلوكية. وقد تم نشره بعد إجراء اختبارات ميدانية واسعة من قِبَل أكثر من 100 مركز سريري وبحثي في 40 بلداً.
ويتوفر منه إصداران رئيسيان: الأوصاف السريرية والدلائل الإرشادية التشخيصية، وثانيا المعايير التشخيصية للبحوث.
واوضح ان الإصدار السابق يقدم أوصافاً سريرية تبين بالتفصيل العلامات والأعراض الرئيسية لكل اضطراب، مع ما يرافقها من ملامح أخرى مهمة لكنها أقل نوعيةً، فضلاً عن دلائل إرشادية شاملة تتعلق بتشخيص تلك الاضطرابات. والإصدار الأخير يهدف إلى مساعدة أولئك الذين يجرون بحوثاً تتعلق باضطرابات محددة، لتحقيق أقصى قدر من التجانس بين المجموعات الدراسية. وتحقيقاً لهذه الغاية تم وضع معايير تسمح باختيار أشخاص مصابين بأعراض ومميزات أخرى متشابهة بشكل واضح.
خجل المرضي
وقال إن العصر الذي نعيشه يتميز بشدة التعقيد، وبالتغيرات السريعة والتوترات والضغوط النفسية وطغيان المادة على القيم والمعايير الاجتماعية مما يشكل جوا ملائما لزيادة الاضطرابات النفسية والأمراض العقلية والانحرافات السلوكية، ويجعل كل ذلك من موضوع الصحة النفسية موضوعا ذا أهمية كبيرة، فالصحة النفسية تهم كل إنسان في المجتمع ويشترك في دراستها الطبيب وعالم التربية وعالم النفس والباحث في ميادين الخدمة الاجتماعية سعيا للوقاية من مظاهر الاختلال في الصحة النفسية، وإيجاد العلاج المناسب، ورغبة في الاستمتاع بالحياة والشعور بالرفاهية والسعادة وتحقيق معدلات أفضل في الإنتاج بشتى جوانبه.
واشار إلى أنه في كثير من الأحيان نجد المريض النفسي أو أسرة المريض النفسي تخجل من الإفصاح عن المرض، مما قد يؤدي إلى تدهور حالة المريض والتأخر في علاجه، ولهذا من الأهداف الرئيسية لجمعية أصدقاء الصحة النفسية هو إزالة الوصمة الخاصة بالمريض النفسي من المجتمع، واعتبار المرض النفسي كباقي الأمراض التي تصيب الإنسان ولا بد من علاجها دون خوف أو تردد.
التطورات الحديثة
وأشار إلى ان هناك تضافرا كبيرا من أجل تعزيز الصحة النفسية على المستوى المحلي والخارجي وعلى جميع المستويات (الطب، والدراسات والبحوث)، وتحسين الصحة العامة وأنشطة التوعية. ودولة قطر من الدول التي أولت اهتماما كبيرا بالصحة النفسية وذلك تشجيعا وتأييدا من القيادة الرشيدة، من خلال إنجاز الإستراتيجية الوطنية للصحة النفسية.
وقال إن تعزيز الصحة النفسية الفردية والمجتمعية يتطلّب خطط عمل تهدف إلى مواجهة التحديات والعوائق، واستثمار الموارد المتاحة وتعزيز ثقافة الحقوق. يشمل ذلك العمل على زيادة المعرفة بمواضيع الصحة النفسية، وتصويب المفاهيم والمعتقدات المغلوطة، وزيادة الوعي حول التشريعات والسياسات المرتبطة بالموضوع وتفعيلها، لا سيما حقوق الأفراد الذيم يعانون الاضطرابات النفسية. فضلا عن ذلك، يتطلب الامر تشجيع الباحثين على تنفيذ الدراسات والأبحاث الميدانية في مختلف جوانب الصحة النفسية، حيث إن هناك ندرة في الأبحاث المتخصّصة في مجال الصحة النفسية، والاهتمام بالدراسات الإحصائية التي تحدد نسب انتشار المشكلات والاضطرابات النفسية.
واضاف أنه يجب أن نعلم أن رسالة جمعية أصدقاء الصحة النفسية “وياك” تنبع من إيماننا بأهمية الصحة النفسية للفرد والتعريف بها، والسعي لتغيير الصور النمطية والوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاضطرابات النفسية، وتقديم البرامج النفسية والسلوكية والأسرية التي تخدم جميع افراد المجتمع وتشجيع البحث العلمي والتدريب المرتبط بالصحة النفسية.
كما تقوم بتحقيق جملة اهداف تخدم كافة شرائح المجتمع، مثل المساهمة في تأهيل وتدريب العاملين في مجال الإرشاد النفسي. ورفع مستوى الوعي حول قضايا الصحة النفسية والاجتماعية وحقوق متلقي الخدمات النفسية. وتعزيز الالتزام للممارسات المهنية في مجال الصحة النفسية والخدمات النفسية والاجتماعية. إلى جانب تعزيز رصد وتوثيق أي انتهاكات أو تمييز تجاه متلقي الخدمات / أو أسرهم.
والمساهمة في تخفيف معاناة الأطفال في مخيمات اللجوء في العالم العربي. والمساهمة ايضا في تخفيف المعاناة النفسية للأشخاص الذين تتعرض بلدانهم للنزاعات المسلحة. وتعزيز حقوق الإنسان المرتبطة بالصحة النفسية. وتنظيم المؤتمرات والملتقيات المحلية والعربية والدولية المختصة بالصحة النفسية. تنظيم الدورات وورش العمل والمحاضرات ذات الصلة بالصحة النفسية. وتكوين مجموعات وفرق تطوعية (أصدقاء الجمعية) متعددة الاختصاصات للعمل على تحقيق أهداف الجمعية داخل قطر وخارجها. وتشجيع ثقافة البحث والتدريب في قطر والعالم العربي بمجالات الصحة النفسية وتيسير السبل والوسائل لتحقيق هذا الهدف.
وقال إن الجمعية تقوم بتلقي الاعانات والتبرعات التي تصلها من الافراد او المؤسسات او الاشخاص الاعتباريين للمساهمة في تحقيق انشطتها المختلفة بعد موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية. كما تعمل على التعاون والتنسيق مع مختلف الجهات المُعينة.
الزيارات الميدانية
أما عن الزيارات الميدانية فجمعية أصدقاء الصحة النفسية تعمل على توجيه الأفراد إلى مؤسسة حمد الطبية والمتمثلة في قسم الطب النفسي أو إلى بعض المؤسسات الاجتماعية التي لها علاقة بالصحة النفسية. مشيرا إلى ان جمعية الصحة النفسية تضم كادرا متخصصا ومؤهلا من المتطوعين على أعلى مستوى من الاستشاريين والمرشدين في المجالات النفسية والأسرية والاجتماعية والتربوية والسلوكية. أما بالنسبة للعدد، فقد يفوق العشرات من داخل دولة قطر ومن خارجها.
واضاف بالنسبة للاستشارات الهاتفية فقد خصصت الجمعية بداية ثلاثة أيام في الأسبوع (السبت، الثلاثاء، الخميس) من الساعة الرابعة عصرا إلى الساعة الثامنة مساء، وذلك من أجل استقبال استشارات المواطنين والمقيمين في مجال الصحة النفسية (النفسية، التربوية، السلوكية، الأسرية)، ولكافة شرائح المجتمع (أطفال، مراهقين، يافعين، وكبار) من الفئتين رجالا ونساء، علما بأن شعارها هو (السرية).
أما عن عدد المكالمات التي يتم استقبالها في خلال الأسبوع فهي بالعشرات، وأريد أن أضيف أيضا أن جمعية أصدقاء الصحة النفسية تستقبل الاستشارات الإلكترونية على موقعها الإلكتروني في المجالات التالية (النفسية، التربوية، السلوكية، الأسرية)، ويجيب عليها نخبة من المستشارين المؤهلين في مجال الصحة النفسية.
ملفات

عطاء الله: الحياة العصرية تجعل الجميع هدفاً للاضطرابات النفسية